Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

وانطفأت شمعه ريحانه جباري

وانطفأت شمعه ريحانه جباري

سروه نعمان

الاسم : ريحانه جباري ملايري
العمر: 26 سنة
المهنه : مهندسة ديكور
التهمة: دفاعا عن الشرف
الحكم: شنقا حتى الموت

ريحانه كانت في ريعان الشباب، كان أمامها مستقبل حافل بالانجازات ، إلا ان القدر ساقها في طريق أحد ضباط الاستخبارات الإيرانية السابقين في عام 2007 ، وتقاذفتها السجون الايرانية لمده سبع سنين إلى أن تم تنفيذ الإعدام ضدّها عام 2014 لينهي حياتها التي كانت أقصر من ربيع طهران .
حسب روايتها أثناء التحقيقات والمحاكمة أفادت ريحانة أن الضابط السابق والذي يعمل طبيبا في جهاز الاستخبارات العسكرية  وله من العمر 47 عاما، كان قد خدعها واقتادها إلى بيت فارغ بحجة أخذ رأيها في كيفية تصميم وترتيب مكتبه باعتبارها تعمل مصممة ديكور ولم تكن قد تجاوزت وقتها 19 عامًا، وحاول الاعتداء عليها، وأثناء محاولتها الدفاع عن نفسها قامت بطعنه بسكينها الذي تحمله دائما معها مما أودى بحياته، هذا بعد أن قام بتخديرها عن طريق تقديم شراب ممزوج بمخدر. لم تاخذ المحكمه بأقوالها، و تغاضوا عن بعض الأدلة الجنائية التي تبرئها من تهمه القتل العمد. وجد تقريرعن الطبيب الشرعي زجاجة شراب تحتوي على مادة مسكنة تم حقن جباري بها، وكانت منظمة “أمنستي” اشتكت من عدم التحقيق في كافة الأدلة.
كما قام مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن المحكمة لم تأخذ في الاعتبار كل الأدلة، وأن اعترافات جباري انتزعت منها قسرا، وقام المحقق الإيراني باستخدام التحقيق للحصول على اعترافات من جباري، التي احتجزت في زنزانة انفرادية لمدة شهرين، قبل أن يسمح لمحاميها مقابلتها. ومنذ ذلك الحين إلى الإعدام، تكون لريحانة حكاية أخرى، هي حكاية سجون كوهردشت، وفشافويه، وإيفين، وشهر ري، ورامين، وسجن طهران الكبير. تم التأكد من أن اعترافات ريحانه تم انتزاعها  تحت التعذيب المستمر في أشهر أسوأ سجن في إيران . لم تستلم ريحانة لحكم الموت بل جعلت من نفسها وسيله لايصال رساله السجينات المعذبات في سجون السلطة الايرانية المناهضة للمرأة. فسطرت مذكراتها ” أنا ريحانه جباري عمري ستة وعشرون عاما، وعلى بعد خطوات قليلة من الموت!…الموت الذي أوقعه القاضي البارع بي، ولست خائفة من الموت، فلقد جربت الموت مرات عديدة في حياتي، ”لكن تحمل الظلم وانعدام العدل أصعب من الموت.”
 أنا ريحانه جباري عمري ستة وعشرون عاما أحمل حمل حقيبة ظهر من الآلام التي سمعتها، وأعتبر نفسي مسؤولة عن  التعبير عما تعلمته من قلب المجتمع ومركز الجريمة أي السجن، من ناحيتي قررت أن  أتخذ خطوة لتغيير مصير هؤلاء النساء، والتأكيد على أنه لا توجد امرأة تقع في الخطيئة إلا إذا تعرضت للاغتصاب من قبل. وقفت ريحانه كاللبؤة مدافعة عن براءتها في المحكمة كما دافعت عن شرفها سابقا، سألها القاضي : لماذا قتلته ؟ أجابت: دفاعا عن شرفي . القاضي : ليس سببا كافيا ! فاجابته بكل عنفوان المرأة الحرة : لأنك بلا شرف !
أثارت هذه القضية حالات من الإستنكار والتعاطف من العديد من الجهات والهيئات في دول العالم وأصبحت محط اهتمام الرأي العام في بعض الدول، كانت الأمم المتحدة قد شككت في نزاهة المحاكمة وطالبت منظمة العفو الدولية العفو عنها وقام بعض الناشطين بجمع 200 ألف توقيع لمنع إعدام ريحانة، ووسط هذه الضغوط الدولية قامت الحكومة الإيرانية بتأجيل تنفيذ الحكم ولكن كل جهود الوساطة لم تنجح وتم تنفيذ حكم الإعدام في 25 أكتوبر 2014. وفي 27 أكتوبر 2014 كشفت وسائل الإعلام عن وصية ريحانة لأمها، حيث قالت: “لا أريد أن أتعفن في التراب”، مبينة أن وصيتها الأخيرة هي أن يتم التبرع بأعضائها بشكل سري “لمن هو بحاجة إليها”. وطلبت من والدتها ألا تنوح عليها وتلبس السواد “كنت أتمنى لو احتضنتك حتى ألفظ أنفاسي”.

وصية ريحانة جباري

“عزيزتي شعلة، علمت اليوم أنه قد جاء دوري للقصاص، أشعر بالأسى لأنك لم تخبريني أني قد وصلت إلى نهاية رحلتي في الحياة، ألا تعتقدين أنه من حقي أن أعرف؟ أتعلمين ؟ أشعر بالخزي لأنك حزينة، لماذا لم تمنحيني الفرصة لأقبل يدك، ويد أبي؟
لقد عشت 19 عاما في هذا العالم، وفي تلك الليلة المشؤومة كان يجب أن أكون أنا القتيلة، جسدي كان سيلقى في زاوية في المدينة، وكانت الشرطة ستستدعيك بعد أيام إلى مكتب الطبيب الشرعي لتتعرفي على جثتي، وكانوا سيخبرونك وقتها أنني اغتصبت، ولم يكن لأحد أن يتوصل إلى هوية القاتل لأننا لا نملك أموالهم ولا نفوذهم، عندئذ كنت ستكملين بقية حياتك في معاناة وفي عار، وكنت ستموتين كمدا بعد بضع سنين، وهذا كل شيء.
لكن تلك الضربة اللعينة غيّرت القصة، فلم يلق جسدي جانبا بل أُودع في قبر سجن “أوين” بزنزاناته الانفرادية، والآن في سجن “شهر رى” الذي يشبه أيضا القبر. استسلمي للقدر ولا تشتكي، أنت تعلمين أكثر مني أن الموت ليس نهاية الحياة. منك تعلمت أن المرء يأتي إلى هذا العالم لكي يكتسب خبرة ويتعلم درسا، وأن مع كل ولادة تلقى على حامله مسؤولية، تعلمت أنه على المرء أن يقاتل أحيانا. أذكر أنك أخبرتني أن رجلا احتج على الجلاد الذي كان يضربه بالسوط، فضربه الأخير بدوره على رأسه ووجهه حتى الموت. لقد أخبرتني أن المرء يجب أن يثابر حتى يعلي قيمته حتى إن كان جزاؤه الموت.
تعلمت منك أنني بذهابي للمدرسة وجب أن أكون كسيدة في مواجهة الشجار والشكوى، هل تذكرين إلى أي حد كنت تشددين على سلوكنا؟ لقد كانت تجربتك خاطئة. حين وقعت الحادثة لم تساعدني مبادئي، فأثناء المحاكمة بدوت قاتلة باردة الدم ومجرمة لا تملك ذرة من الرحمة. لم أذرف دمعة واحدة ولم أتوسل إلى أحد ولم يغمرني البكاء.لأنني كنت أثق في القانون.
لكني اتهمت باللامبالاة أمام الجريمة. أترين، لم أكن أقتل يوما بعوضة وكنت ألقي بالصراصير بعيدا، فأصبحت في لحظة قاتلة مع سبق الإصرار. لقد فسروا معاملتي للحيوانات على أنه نزوع لأن أصبح ذكرا، ولم يكبد القاضي عناء النظر إلى أني كنت أملك حين الوقائع أظافر طويلة ومصقولة.
كم كان متفائلا من ينتظر العدالة من القضاة، لم يلتفت القاضي إلى نعومة يدي، لا توحي بأني كنت رياضية أو ملاكمة بالتحديد. البلد التي زرعت في قلبي حبها لفظتني، ولم يساعدني أحد وأنا تحت ضربات المحقق وأسمع أحط درجات السباب. وبعد أن تخلصت من باقي علامة الجمال الباقية في جسدي أعطوني مكافئة 11 يوما في الحبس الانفرادي.
عزيزتي شعلة، لا تبكي على ما تسمعيه مني الآن، في أول يوم لي في مركز الشرطة عنفني ضابط كبير السن أعزب بسبب أظافري، عرفت يومها أن الجمال ليس من سمات هذا العصر. جمال المظهر، الأفكار والرغبات، جمال الخط، جمال العين والرؤية ولا حتى جمال الصوت الجميل.
أمي العزيزة، تغيرت فلسفتي وأنتِ ليست مسؤولة عن هذا. رسالتي لا تنتهي وسلمتها لشخص تعهد بأن يرسلها إليك بعد أن يتم إعدامي دون حضورك أو علمك، لقد تركت لك الأثر المكتوب ميراثا. لكن وقبل أن أموت أريد أن أطلب منك أن تلبي جزءا من وصيتي. لا تبكي واسمعيني جيدا، أريد منك بأن تذهبي للمحكمة، وتعلني رغبتي، لا يمكنني كتابة هذه الرغبة من داخل السجن، لذا سيتوجب عليك أن تعاني من أجلي مرة أخرى. هو الأمر الوحيد الذي لن أغضب إذا اضطررت أن تتوسلي من أجله، علما وأنني رفضت أن تتوسلي لإنقاذي من الإعدام.
أمي الطيبة العزيزة شعلة الأعز عليّ من روحي، لا أريد أن أتعفن تحت الثرى، لا أريد لعيني أو لقلبي الشاب أن يتحول إلى تراب. توسلي إليهم ليعطوا قلبي، وكليتي، وعيني، وكبدي، وعظامي، وكل ما يمكن زرعه في جسد آخر إلى شخص يحتاج إليهم، بمجرد إعدامي. لا أريده أن يعرف اسمي، أويشتري لي زهورا ولا حتى أن يدعو لي.
أقول لك من صميم قلبي أني لا أريد أن أوضع في قبر تزورينه وتتألمين، لا أريدك أن ترتدي الأسود. أبذلي ما في وسعك لتنسي أيامي الصعبة، واتركيني لتبعثرني الريح. لم يحبني العالم، ولم يتركني لقدري، أنا استسلم الآن وأقابل الموت بصدر رحب.
أمام محكمة الله سأوجه الاتهام للمفتشين وقضاة المحكمة العليا الذين ضربوني وأنا مستيقظة ولم يتورعوا عن التحرش بي، أمام الخالق سأوجه الاتهام إلى الطبيب “فروندى”، سأوجه الاتهام إلى “قاسم شعباني” وكُل من ظلمني أو انتهك حقوقي، سواء عن جهل أو كذب، ولم ينتبهوا إلى أن الحقيقة ليست دائما كما تبدو
عزيزتي شعلة ذات القلب الطيب، في الآخرة سنوجه نحن الاتهام وسيكونون هم مُتهمون. دعينا ننتظر إرادة الله. أردت أن أضمك حتى أموت. أحبك”.
وانطفأت شعله عمرها، إلا أن ريحانه بقيت وستبقى حيه في ضمير كل العالم الذي لم يستطع ان ينقذها من حكم جائر في بلد لايعترف بالمساواة أو العدالة.

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter