Skip to contentSkip to sidebarSkip to footer

المرأة العربية والإبداع.. ثورة على السائد والمألوف

المرأة العربية والإبداع.. ثورة على السائد والمألوف

حقّقت المرأة العربية في السنوات العشر الأخيرة ما لم تحققه طوال سنوات وعقود ماضية، حيث بات إنتاجها الإبداعي كبيرا وذا أهمية، وأضحى لها أسلوبها الذي يعبّر عن أفكارها وطموحها.. ولا توجد كتابة تنشأ من لا شيء، فالإبداع يتكوّن نتيجة مطلب ضروري لحسم تناقض ما، وفي المسيرة النضالية الطويلة للمرأة العربية نحو التحرر، لم تجد لنفسها موضع قدم إلا بالكتابة التي تتخطى بها آلامها وكآبتها في عالم يغلب عليه الحجر الأبوي. إذا لم يُصدّق كثيرون في عصرنا أن جل النساء العربيات مع استثناءات نادرة كان يُفرض عليهن المكوث خلف الجدران الباردة للبيوت العتيقة، وهذا كان فقط منذ نحو أقل من ثمانية عقود، أي إلى حدود الأربعينيات من القرن المنصرم، فذلك لن يكون مستغرباً على الإطلاق.

النساء اليوم وضعهن لا يقارن بما كانت عليه حياة جداتهنّ. انتزعن الحق في التمدرس في الوقت الذي لم يكن مسموحاً لهن سابقاً سوى بتعلم فروض العبادة. صرن إلى حد كبير مالكات لقرارهن في الزواج. كما أصبحن قادرات على الانتقال في الطرقات وبالطائرات والسيارات لوحدهنّ. علاوة على مساهمتهن في العملية الإنتاجية التي ظلت حكراً على الرجال قروناً طويلة. هذه الحالة “الطبيعية” التي نراها اليوم أمام أعيننا بالمدارس والطرقات والمنازل والعمل لم تأت كالقدر. لقد حدثت ثورة حقيقية في قضية المرأة بالعالم العربي والإسلامي بعدما انطلقت بالغرب. وتحقق ذلك على إثر نضالات مريرة وتضحيات جسيمة تزعمتها النساء في كل الميادين.

ما اشتُهر بالأدب النسائي، أو النسوي في صيغة أخرى، كان، تاريخياً، واحداً من أبرز تلك الجبهات التي وقفت فيها النساء بالعالم العربي دفاعاً عن حقهن في الوجود في مواجهة مجتمع لا يجعل من المرأة سوى الزوجة والأم والأخت دون شيء آخر، في تحدٍّ جسور لتكميم الأفواه بلصاق العادات الممتد لأجيال.

أهداف الأدب النسائي

يعتبر الأدب النسائي عربياً ظاهرة حديثة، على غرار الحال غربياً أيضاً، ظهر خصوصاً خلال القرن العشرين، ويعد من بين المصطلحات الإشكالية المثيرة للجدل، فمجموعة من الكاتبات يرفضن توصيف إبداعاتهن في الشعر والسرد بهذا المصطلح، أو بالأدب النسوي، معتقدات بأنه ينطوي على محاولة لتحجيم حضورهن الإبداعي على الساحة الأدبية، إلا أنه مع ذلك يفسر أشياء كثيرة متصلة بالتاريخ.

لقد كانت هناك عبر التاريخ الثقافي نظرة دونية ناجمة عن البنية الذهنية للمجتمع العربي كانت ترى أدب المرأة بوصفه ضعيفاً وقليل القيمة لا يضاهي أدب الرجال. هذه المسألة جعلت المرأة تتهيب خوض نشاط الأدب، وقد حكم عليها ذلك بالبقاء خارج حلبة معركة الأدب داخل المجتمع، وهو ما يفسر غياب المدونة الأدبية النسائية العربية، أو على الأقل تبعثُرها وندرتها. وهذه النظرة لم تتزحزح تباعاً إلا مع اشتداد الدعوة الإصلاحية منذ أوائل القرن العشرين لتحرير المرأة ومنحها حقوقها المسلوبة. لكن منذ منتصف القرن العشرين بدأ هبوب الصوت الجماعي للمرأة الأديبة على موجات متتالية، ما أزاح عنها سمات السلبية والخنوع والتردد وكسر حاجز خوفها.

وفي هذا السياق التاريخي، جرى الحديث عما اصطلح على تسميته بـ (أدب المرأة)، و(الأدب النسائي)، و(الكتابة النسائية) أو (كتابة الأنوثة)، وكل هذه التسميات تندرج ضمن حقل الأدب، وقد ترافقت مع بعض الدراسات الثقافية، ودراسة النوع الاجتماعي أو الجنوسة.

نسائي أم نسوي؟

بصرف النظر عن عدم الاتفاق على استخدام تعريف وتسمية واحدة للأدب الذي تبدعه المرأة، في الوقت الذي يوجد، من جهة ثانية، إجماع على السياق الخاص الذي ظهر فيه، المرتبط أساساً بنضال النساء لنيل حقوقهن والدفاع عن مكانتهن وأفكارهن، من بوابة الكتابة الإبداعية، فإنه من الضروري التمييز بين مصطلحي الأدب النسائي والأدب النسوي. فنحن نقول إن هذه الشركة نسائية عندما يكون كل العاملين بها نساء، وعندما نقول نسوي فهذا يعني أنه يوجد توجه ما، إذ ليس كل ما هو نسائي نسويا.

وعلى خلاف الرأي الرافض لمصطلح الأدب النسوي، وهو موقف تدافع عنه مجموعة من المبدعات باعتبار أن الأدب يبقى أدباً مهما كانت أشكاله التعبيرية وخصائصه، إلا أن البعض يدافع عن هذه التسمية من منطلق الاختلاف حيث ستكون رؤية النساء في المجتمع موضوعية لأنها هي الرؤية التي أنشأتها المرأة نفسها، لا الضغوط الخارجية الممارسة عليها.

التحرّر الثوريّ من الوصاية

يمكن أن تُكتب روايات من طرف كاتبات نساء، تتناول علاقة زواج بين امرأة وزوجها على سبيل المثال، مستعينة بأغلب الخصائص الفنية والجمالية والتعبيرية المتعلقة بالأدب النسائي، لكن لو صدرت عن دافع استهلاكي سريع موجه إلى سوق محدد، قد يكون ممكناً أن لا تصنف ضمن الأدب النسوي.

وفي الحقيقة تحتاج الكتابة النسوية إلى شروط، ومن بين ما تحتاج إليه، حسب النقاد، ضرورة أن تصدر عن وعي مكتمل بالوضعية المأساوية التي ما زالت تعيشها أعداد كبيرة من النساء على مستوى العالم، فهي تضع تحرر المرأة وتقدم المجتمع كأفق للفن الإبداعي الأدبي النسوي سواء سردياً أو شعرياً.

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter