بعد غياب 40 عاما، يعود العراق ليتوج بطلا لدوره كأس الخليج العربي لعام 2023 المسماة بكأس خليجي 25 والتي أقيمت في مدينه البصرة الفيحاء. أدهش العراق العالم بافتتاحيه البطولة الأسطورية التي جسدت الحضارة العراقية بشخصيات الملك العظيم نبوخذ نصر الثاني والملكة شبعاد ، والاضواء والألعاب النارية الاحترافية.
استضاف العراق وخاصه مدينه البصرة اعدادا كبيرة من مواطني الخليج العربي ولأول مره من أكثر من ثلاثين عاما. نقلوا الصورة الجميلة للعراق المغايرة لما تنشره القنوات الفضائية، نشروا صور الكرم والجود العراقي ، جمال الأماكن والشوارع و كورنيش البصرة وشط العرب. نقلوا صوره احتفالات واحتفاء اهل البصرة بضيوفهم واكرامهم، وقد توافر العراقيين من كل انحاء العراق الى البصرة لمشاهده المباريات ، والمشاركة بإكرام ضيوف العراق. وانتهت بطوله خليجي 25 بفوز العراق على عمان 3-2 و رفع الكأس بحضور اكثر من 65 الف متفرج في ملعب جذع النخلة ، واكثر من 20 الف متفرج اخرين في ملعب اخر لمشاهده المباراة.
ماذا عن الجالية العراقية في المهجر؟ لم يهدأ العراقيين في المهجر ولم يستطيعوا ان يفارقوا اجهزه هواتفهم او ان لا يكونوا امام شاشات التلفاز لمشاهده المباراة وقلوبهم قد خطفت من الخوف وحبسوا انفاسهم مع كل ركله او تمريره خوفا على أبناء بلدهم وسمعه العراق ، وحرص الكل على ان يكون الخليجي 25 بصراوي والكاس عراقي بامتياز. فاجتمعوا وهللوا ثم اقاموا الاحتفالات في كل مكان.
فلقد راينا احتفالات الجالية العراقية في مشيكان غطت الشوارع بالأعلام ومسيره السيارات والموسيقى والرقص، ولم تستثنى الجالية في هيوستن تكساس من هذه التجمعات والاحتفالات ليشاركوا أبناء الوطن فرحتهم برجوع الكأس للمرة الرابعة. شكرا للقائمين على التنظيم، شكرا للأخوة الخليجيين لتعاونهم ونقلهم الاحداث، وشكرا للمنتخب العراقي الذي رسم البسمة على وجوه العراقيين وبعث فيهم الفرح والامل .
وقد يسال البعض لماذا كل هذه الضجة ؟
هذه البطولة هي ليست كرة قدم وحسب فإنها تعني الكثير للعراقيين، فبعد غلق الحدود مع الخليج لمده 40 عاما، و وضع العراق تحت التقسيم والفصل والتغييب الإقليمي منذ عام 1990، ولم يجرأ الخليجي على دخول العراق حتى بعد عام 2003 وبقيت الحدود مغلقه جزئيا، ان من المعلوم والمسلم به ان العراق يرتبط مع اخوته في الخليج رباطا قويا كان مقطوعا لسنوات، و بالرغم من وضع خطط وميزانيه هائلة واستثمار أموال واعلام موجه وسموم نفثت عن طريق التصريحات وبسبب التدخلات الخارجية لفصل العراق نهائيا عن اخوانه العرب و جعل العراق خارج المنظومة العربية كلها وخاصه الخليجية ، وكانت المحاولات لتشويه صوره الطرفين لدى الاخر، الا ان هذه الأموال والمحاولات التي وضعت خلال العشرين سنه الماضية ذهبت في مهب الرياح، وكسرت كل التوقعات وخابت كل المحاولات بمجرد اقبال الخليجيين الى البصرة ، فلم يتوقعوا ما شاهدوا من حفاوة الترحاب والاكرام ، ولم يتوقعوا ان يروا محبه العراقيين وتمسكهم بعروبتهم وبهم ، ورأينا دموعا غسلت شوق السنين ما بين الاشقاء، فكم من عراقي سمعناه يقول لا تتركونا ،فنحن جزء منكم، اعيدونا اليكم! وكأن العراقي يستغيث بأخوته انه لا يتركوه للتدخلات الأجنبية لتسيطر عليه، العراقي كله شوق ليعود الى حضن اخوانه في الخليج. هذا التلاحم الذي ظهر جليا على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي نسف كليا مؤامرات اخراج العراق من دائرة العرب وعزله عنهم.
في هذا كله تكمن اهميه البطولة بالنسبة للعراقيين، انها أبواب العودة قد فُتحت، واجراس انتهاء العزلة قد قُرعت.