تاريخ الكتابة طويل وضارب في القدم، وهو تاريخ صنعه الرجال والنساء بالقدر نفسه تقريبا، ولكن الطريف في الأمر أن بعض النساء الكاتبات لجأن إلى إخفاء أسمائهنّ الحقيقيّة واُضطررن للكتابة بأسماء ذكوريّة خوفا من الأسرة وخوفا من المجتمع الذي كان يسلّط على المرأة كل أنواع الرقابة في كل مكان في العالم.
وخلال السنوات الأخيرة نظّمت ناشطات نسويّات في العالم حملة تمّ تطبيقها على أرض الواقع وهي حملة «استرجاع اسمها» وغايته إحياء سيرة كاتبات عالميّات اخترن طمس هويتهن الجنسيّة الحقيقية بسبب الخوف كونهنّ نساء.
أسماء ذكورية لإخفاء الهوية الجنسيّة:
طوال معظم حياتها، وحتى اليوم، اشتهرت الكاتبة البريطانية “ماري آن إيفانز”، باسم مستعار لرجل يدع جورج إليوت، والذي تبنته لإخفاء جنسها في وقت كانت فيه النساء مستبعدات من الدوائر الفكرية في بريطانيا خلال العصر الفيكتوري. وقد أعادت بعض دور النشر العالمية طباعة روايات إيفانز باسمها الحقيقيّ بعد أن ظلت لقرون باسم رجالي مستعار. وعلى مر التاريخ، استخدمت العديد من الكاتبات الأسماء المستعارة للذكور. لنشر أعمالهن أو لأخذها على محمل الجد. لهذا، تأتي تلك المبادرة بهدف تكريم إنجازاتهن ومنحهن التقدير الذي يليق بهن. وهناك خمس وعشرون رواية سيتم تقديمها في شكل كتب إلكترونية. كما يمكن تحميلها مجانًا من خلال شركة Baileys الراعية للمبادرة. كما سيتم التبرع بمجموعات من الإصدارات المطبوعة بجميع أنحاء المملكة المتحدة.
كما أصبحت الهوية السرية لـ«إيفانز»، مصدر تكهنات واسعة النطاق في إنجلترا الفيكتورية. بعد أن اكتسبت العديد من قصصها التي نُشرت تحت الاسم المستعار (جورج إليوت) شعبية كبيرة. حتى إن تشارلز ديكنز، صاحب الروايات العظيمة كتب لها رسالة عبّر فيها عن إعجابه وفضوله بما يقرؤه لها.
تكريم كاتبات تخفّيْن وراء أسماء ذكورية
اشتاقت «إيفانز» إلى الكتابة مرة أخرى والتعامل مع الأمر. وبدأت في التعبير عن حزنها لناشرها واعتبرت أنّ «القناع الذي ترتديه لتخفى هويتها يبدو مؤلمًا للغاية»، خاصة بعد مدح ديكنز. وفى العام التالي، بدأ الناس ينسبون عملها إلى أفراد مختلفين. وبدأ السر يتسرب من دائرتها الداخلية، مما دفع الكاتبة إلى الكشف عن هويتها على مضض.
كاتبات أمريكيات في القائمة:
ومن بين الروايات الأخرى التي تم اختيارها لمشروع «استرجاع اسمها». «ماري أوف ذا كابين كلوب» للكاتبة آنبيتري، أول امرأة أمريكية من أصل إفريقي تبيع أكثر من مليون نسخة من كتاب تم نشره في الأصل تحت اسم مستعار “أرنولد بيتري”. وكذلك، ظهرت أيضًا أعمال «أمانتين أورور دوبين»، والتي اشتهرت باسم «جورج صاند»، والتى كانت واحدة من أكثر الكُتاب شهرة في أوروبا في القرن التاسع عشر، وبالتأكيد واحدة من أكثر الكُتاب جرأة، وكانت ترتدي ملابس الرجال، وتدخن التبغ في الأماكن العامة. وسيعيد المشروع نشر روايتها «إنديانا» التي تستكشف تعقيدات الزيجات والعلاقات.
القائمة طويلة:
تضم قائمة المؤلفين أيضًا «مارى برايت»، المعروفة باسم جورج إجيرتون، كما تضم القائمة الكاتبة الإيرانية «فاطمة فاراهاني»، المعروفة في القرن الـتاسع عشر بشاهين فاراهاني، و«جوليا كونستانس فليتشر»، المعروفة باسم جورج فليمنج. وتمتد الروايات المختارة إلى الأنواع الأدبية، من الخيال العلمي إلى الرعب، ومؤلفوها متنوعون تمامًا، وينحدرون من دول مثل اليابان وإيران. كما زادت الكتابة بأسماء ذكورية في القرن التاسع عشر. وعمد بعض الكُتاب الأكثر شهرة في كل العصور إلى استخدام أسماء مستعارة. على أمل جذب جمهور أوسع دون “وصمة عار” قائمة على نوع الجنس. مثل لويزا ماري ألكوت، مؤلفة رواية «Little Women».
وحتى اليوم، تستمر بعض النساء في الكتابة بأسماء مستعارة، خاصة في الأنواع التي يهيمن عليها الذكور، مثل الخيال العلمي والجريمة. وتعد «ج. رولينج»، أحد الأمثلة الشهيرة، والتي نصحها ناشروها باستخدام الأحرف الأولى من اسمها الكامل، عند نشر أول كتاب لها من سلسلة “هاري بوتر” على أساس أنه من الأفضل أن «يجذب الفتيان والفتيات». وقالت رولينج في أحد الحوارات لها: “كانوا يحاولون في الأساس إخفاء نوعي”.