Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

هل فعلا العقل للرجل والقلب للمرأة؟

هل فعلا العقل للرجل والقلب للمرأة؟

كثيرا ما نقع في تصنيفات حمقاء ونتبنّى أفكارا نمطيّة وجاهزة دون وعي بها ولا بخطورتها، وأحيانا لا نجهد أنفسنا في إعادة التفكير في الكثير من المسلّمات المتوارثة في ثقافتنا وفي عاداتنا وتقاليدنا خاصة إذا تعلّق الأمر بالمجتمع العربي..
هناك معادلة شبه راسخة في وعينا الجمعي، ليس العربي فحسب وإنّما الإنساني والكوني، وهذه المعادلة مفادها كون الرجل يفكّر تفكيرا عقلانيّا ويحسم الأمور بعقله ولا ينجرّ للعاطفة تحت أيّ تأثير، وفي مقابل ذلك نجد المرأة مصنّفة على أساس أنها كائن عاطفي وتفكّر تفكيرا عاطفيّا وتحسم الأمور بما يمليه عليها قلبها وليس بما يقوله العقل والمنطق !!
إنها مسلّمات اجتماعية وثقافيّة تبدو سخيفة وليس فيها أي نصيب من الحقيقة إلا أن البعض يتمسّك بها كمعادلة حقيقيّة وصحيحة تؤكّدها تجارب الحياة، فكم شخصا بيننا، سواء أكان رجلا أو امرأة، يؤكد صحّة تلك المعادلة ويعتبر فعلا أن المرأة “تفكّر” بقلبها وتحتكم إليه في حسم كل الأمور والقرارات بينما يفكّر الرجل بعقله ولا يحتكم لعاطفته أبدا في حسم أموره وقراراته. ولكن ذلك غير مؤكد ويبقى دون إثبات علمي.

رأي علم النفس الاجتماعي:

نشرت الأخصائية النفسية هويدا عبد الله دراسة تقول فيها إنّ المرأة “تفكّر” بقلبها، ومع ذلك فإنها تستخدم عقلها طبعاً، ولكن القلب هو المتحكّم، وهو “القائد”، وهي فطرة من الله، وهذا يُعتبر ذكاءً اجتماعياً حسب الأخصائية، فهو يعني أن المرأة تنظر للموضوع أو الموقف من شتى الجوانب وليس من الناحية العملية فقط كما يفعل الرجل الذي يتناول الموضوع من جانبه المادي الملموس فقط، فإذا كان الرجل لديه ذكاء عملي، فالمرأة تمتلك ذكاءً اجتماعياً، وهو أبعد من الذكاء العملي، وتحتوي رؤية المرأة للأمور على بعد نظر.
من جهة أخرى يقول الدكتور في علم النفس وائل أبو هندي، إنه يرفض تعميم الأحكام على كل النساء بشكل مطلق، ويشير إلى أن المرأة في الصورة التقليدية عنها، تميل أكثر للتفكير العاطفي، وتتخذ قرارات مبنية على العاطفة، وإن كانت ليس كل النساء كذلك،  فحاليا هناك نسبة أكبر منهنّ تفكر بعقلها حيث زادت نسبة النساء اللاتي تفكرن بعقلهن في عصرنا الحالي.
وعن المواقف التي تتخذ فيها المرأة قرارات بقلبها يضرب الدكتور أبو هندي مثلاً بالأمور التي تتعلق بالعلاقات الإنسانية، أما القرارات التي تتخذها المرأة بعقلها فتكون في الأمور العملية مثل الشغل. وهو لا يعتبر تفكير المرأة بقلبها عيباً فيها، وإن كان يسبب لها مشكلات في بعض الأحيان، لأنه فطرة جبلها الله عليها.

ما مدى صحة “النساء ناقصات عقلا ودينا”:

يؤكد أغلب الفقهاء أن هذا الحديث النبوي لم يعن أنّ عقل المرأة ناقص مقارنة بالرجل أو أن النساء تفكيرهنّ قاصر ونضجهنّ غير مكتمل، بل على العكس من ذلك فالأمر لا يتعدّى حالات معيّنة تكون فيها المرأة أقلّ اِلتزاما بتأدية الفرائض الدينيّة بسبب النفاس أو العادة الشهريّة أو غيرها من المسبّبات التي تجعل المرأة في حالة خاصّة وقتيّا.
والأكيد أنّ الحديث عن نقصان عقل المرأة مثير للعجب حقاً! فالذين يناقشون هذا الموضوع يتسترون على فرضية في أذهانهم، مفادها أن عقل الرجل كامل. والحقيقة الصارخة هي أن عقل الإنسان برمته كان ولا يزال موضوع بحث ونقاش وجدل لا ينتهي.
ويعتبر بعض الدارسين أن نقصان العقل ليس خاصاً بالمرأة، بل ويعم الرجل أيضاً، وذلك وفق نص الحديث النبوي ومدلوله، ووفق مفهوم العقل كما ينبغي أن يكون. وليس أدل على ذلك من أن القرآن الكريم قد وصف المشركين بأنهم لا عقول لهم أو أن أكثرهم كذلك رغم أنّ هؤلاء فيهم العظماء والعباقرة، وفيهم الرجال والنساء على حد سواء.

ماذا يقول ابن حزم في عقل المرأة؟

لابن حزم قول شهير في تفسير الحديث النبوي “النساء ناقصات عقلا ودينا” إذ يرى أن من يكتفي بظاهر الحديث يجب أن يكون أتم عقلاً وديناً من مريم وأم موسى وعائشة وفاطمة. والقول بغير هذا يعني من وجهة نظر ابن حزم أن من الرجال من هو أنقص ديناً وعقلاً من النساء.
ويؤكد ابن حزم أن نقصان العقل والدين يقتصر فقط على الشهادة والحيض، ولا يتعداهما إلى غيرهما. وهذا النقصان لا يوجب نقصان الفضل، فنساء النبي وبناته أفضل ديناً ومنزلة عند الله من كل رجل يأتي من بعدهنّ.

مقارنة علمية بين عقل المرأة وعقل الرجل:

يثبت العلم أنّ عدد الخلايا في دماغ الرجل يزيد عن عدد الخلايا في دماغ المرأة بنسبة 4 في المئة. وفي مقابل ذلك تتزايد شبكات الاتصال في دماغ المرأة أكثر من تزايدها في عقل الرجل، وهذا يؤدي إلى ميزة تتفوّق بها الأنثى حيث تكون أكثر استفادة من تجارب الحياة وأكثر تذكّرا للأحداث، فأحيانا تفاجئ الزوجة زوجها بتذكّر أحداث بسيطة وبعيدة المدى زمنيّا وتلومه على نسيانها خاصة إذا كانت تلك الأحداث مرتبطة بفرحة أو احتفال أو أي أمر إيجابيّ. وبحسب ما يثبته العلم كذلك فإن المرأة أكثر استعمالا للغة وللحديث، وهي ترغب دائما في السيطرة على الحوار إذا كان الطرف الثاني فيه رجلا، ويؤكد العلم أن المرأة قد تضطرّ أحيانا إلى الانجرار للعاطفة أو محاولة التأثير عاطفيّا إذا لاحظت عدم قدرتها على التأثير العقلي بينما لا يلجأ الرجل إلى التأثير العاطفي في الآخرين إلا في حالات نادرة، وهو يفضّل دائما إقناع الآخرين إقناعا عقليا ومنطقيّا حتى ولو لجأ إلى الكذب أو فبركة الحجج والبراهين لإثبات صحة رأيه أو موقفه.
ومهما كانت الفوارق على هذا المستوى بين الرجل والمرأة فإنه من الصعب بل من المستحيل الحسم في موضوع التفكير العقلاني والتفكير العاطفي في ارتباط كل واحد منهما بالرجل أو المرأة.

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter