Skip to contentSkip to sidebarSkip to footer

تربية الأطفال في الولايات المتحدة:

تربية الأطفال في الولايات المتحدة:

من جنون التشريعات إلى فوضى الهويّات

أصبح السؤال ملحّا داخل العائلات الأمريكيّة حول مستقبل الأطفال في الولايات المتحدة حيث باتت تربية الأطفال أصعب مهمة على الإطلاق قد تواجه الآباء، فهؤلاء ينجبون أطفالهم وينفقون عليهم ويوفرون لهم أفضل سبل الراحة لكنّ التشريعات الجديدة الخاصة بقوانين الطفل في بعض الولايات الأمريكية وأبرزها فلوريدا باتت أقرب إلى الجنون منها إلى العقل.. وأصبحت الأسرة اليوم غير متحكّمة في اختيار جنس مولودها بناء على جنسه الطبيعي ذكرا أو أنثى، بل إنّ الطفل هو الذي يختار جنسه ويختار اسمه ويختار الميل الجنسي إلى البنات أو إلى الأولاد..

صراع سياسي وتشريعي حول تربية الأبناء:

تخوض أغلب الأسر الأمريكيّة “حربا شرسة” ضدّ جنون التحرّر الجنساني، ومن حسن الحظّ أن هذا الجنون يجد معارضة من عديد الأطراف السياسيّة داخل الولايات المتحدة مثلما يجد معارضة من عديد الشرائح الاجتماعيّة.. والواضح أنّ صراع الهوية بين المحافظين والليبراليين في الولايات المتحدة الأمريكية محتدم، وتحوّل من ضمان حق الناس في أن يكونوا ما يشاؤون وعدم التمييز ضدهم بسبب ميولهم الجنسية إلى قرارات تشريعية تتدخل في تشكيل هوية أمريكا الجنسانية. ولك أن تتخيل أمريكا بدون ذكر أو أنثى، أو أن يقع جرّك للمحكمة لأنك قلت عبارة “سيداتي، سادتي” كمثال.

لكن الأكيد أنّ أمريكا ليست موحدة خلف الأغلبية الديموقراطية في الفرع التشريعي للسلطة. ووفقًا لاستطلاع لمركز “بيو” للأبحاث، هناك معارضة حقيقة لهذا التغيير الجوهري في الهوية الأمريكية، إذ يعتقد غالبية الأمريكيين أن أصحاب الأعمال والمحلات التجارية يجب أن يكونوا قادرين على رفض تقديم الخدمات في المواقف التي قد يؤدي فيها تقديمها إلى «افتراض دعمهم المعتقدات المتعلقة بالمثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية «التي تتعارض مع قناعات التجار الشخصية أو الدينية».

وبحسب الاستطلاع يعطي 82 % من الجمهوريين الحقّ لقطاع الأعمال من خدمات ومنتجات في رفض تقديم الخدمات للمثليين إذا كان لباعة ومقدمي الخدمة قناعات دينية أو شخصية ضد المثلية، بينما يؤيد 59 % من الديموقراطيين أو من يميلون لهم إرغام أصحاب الأعمال على تقديم خدماتهم للمثليين ولو كانت تتعارض مع معتقداتهم الدينية أو الشخصية. وينسحب هذا الانقسام على بقية فئات المجتمع الأمريكي حيث يعطي 71 % من البروتستانت التجار الحق في رفض تقديم خدماتهم للمثليين وتتوافق معهم في الرأي 82 % من الإنجيليين البيض، و69 % من الإنجيليين غير الملونين، و60 % من الكاثوليك، و50 % من الملحدين، بينما يمنعهم هذا الحق 50 % من البروتستانت السود.

وبحسب مجلة فوربس، فإن مجتمع الميم يواجه موجة من القيود المناهضة للمثليين والمتحولين جنسيًّا… وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تُظهر أن الأمريكيين يؤيدون حقوق مجتمع الميم ويعارضون التمييز ضدهم، فإن دعم قضايا المتحولين جنسيًّا ما يزال مثيرًا للانقسام مع تصاعد هجمات اليمين.

اضطراب الهويّة الجنسيّة للطفل ومستقبل أمريكا:

يعتقد المعارضون لنهج الديموقراطيين أن أمريكا تفقد جيلًا كاملًا بسبب اضطراب الهوية، وأن شعبًا مضطربًا بهذا العمق لا يمكن أن يحافظ على عظمة أمريكا في وجه المنافسين مثل الصين التي بدأت تدريس مبادئ “الرجولة” في مدارسها الابتدائية. لكن في المقابل فإنّ تعليم النوع والجنس للطلاب الأصغر سنًّا مرفوض شعبيًّا في أمريكا، وهنا نجد المشرّعين يسيرون في اتجاه آخر، حيث وجد استطلاع لمركز “بيو” في أكتوبر 2022 أن الآباء من رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر انقسموا بنسبة 31 % حول ما إذا كان ينبغي تعليم التلاميذ أن الجنس يتحدد عند الولادة أم لا، ويرى 37 % ممن شملهم الاستطلاع أنه لا ينبغي تدريس هذا الموضوع على الإطلاق. كما أن 70 % و54 % على التوالي تعارض تعليم الميول الجنسية والهوية الجنسية في المدارس الابتدائية والمتوسطة على الإطلاق، على الرغم من أن 56 % تؤيد تلك الموضوعات في المدرسة الثانوية.

جحيم تربية الأبناء في كاليفورنيا:

ذهب عضو مجلس الشيوخ في ولاية كاليفورنيا إلى تحذير الآباء من قانون تأكيد الجنس، قائلًا: «إذا كنت تحب أطفالك، فعليك أن تلوذ بالفرار من كاليفورنيا». ويبدو أنّ الرجل معه حق، فلك أن تتخيل أن طفلًا في الصفّ التمهيدي أو الصفّ الابتدائي لا يعرف هل هو ذكر أم أنثى، ولا يحق لوالديه أو المعلمين أو مقدمي الرعاية الصحية أن يصنفوه ذكرًا أو أنثى. إذا كانت معارف وخبرات الإنسان تتشكل في معظمهم في هذه الفترة المبكرة من عمره، وأهم مكوّن فيها مفقود وهو ما إذا كان ذكرًا أو أنثى، فلك أن تتخيل حجم الاضطراب الهوياتي الذي يعصف بهذا الكائن، ومن ثم بجيل كامل، وأمة تسمّى الولايات المتحدة الأمريكية.

القانون الجديد لولاية كاليفورنيا يجعل القيادة بيد الطفل، فهو الذي يتحكم في قرارات والديه، وقرارات القضاة والمعلمين وغيرهم، وسيتخذ الطفل في ضوء هذا التشريع القرار بمفرده، وأي شخص آخر سيكون ميسرًا ومسهلًا لقرار الطفل. وفي هذا السياق، كانت ستيلا أومالي الأخصائيّة النفسية والناشطة المجتمعية قد حذّرت خلال ظهورها في قناة فوكس نيوز الرقمية من هذا الجنون التشريعي في ولاية كاليفورنيا معتبرة أن هذا النظام يلزم الآباء وجميع الكبار حول الطفل بتأييد قراره أيًّا كان، وبخاصة في مجال ميوله الجنسي وهويته الجنسانية. فلو قرر الطفل تسمية نفسه باسم آخر، أو نطق اسمه بشكل مختلف أو النوم مع نفس الجنس أو الجنس المقابل فإن على والديه وجميع الكبار من حوله أن يوافقوا على قراره وأن يؤيدوه وأن ييسروا له ذلك القرار، أو أن يواجهوا تبعات رفضهم في المحكمة، بما في ذلك انتزاع الطفل منهم. ليس هذا فحسب وإنما سيحق للطفل وحده أن يقرر أين يتعلم وماذا ويتعلم وأين يعيش ولن يتمكن أحد من الكبار حوله من صرفه عن قراره أو حتى التأثير فيه بالنصح والتوجيه.

الجالية العربيّة تتابع بقلق:

وجدت الجالية العربية نفسها في موقف حرج فهي في كل الأحوال لا يمكنها التنكر لهويتها المسلمة أو حتى المسيحيّة وكذلك لا يمكنها عدم تطبيق القوانين في البلد الذي تعيش فيه.. ولذلك فإنّ تربية الأسر العربية لأبنائها هي عمليّة صعبة وباتت معقّدة أكثر فأكثر بسبب التشريعات الجديدة التي صدرت في بعض الولايات الأمريكيّة وقد تصدر في ولايات أخرى وهي تلك التي تتعلق خاصة بعدم تحديد جنس المولود عند ولادته وترك القرار بيده عندما يبلغ سنّا معيّنة، وهذا القرار لن يكون تحت تأثير الأسرة بل سيكون تحت تأثير المجتمع والمحيط المدرسي وجمعيّات حقوق الطفل.. إنّه جحيم يعيشه المغتربون العرب المسلمون أو المسيحيّون على السواء في الولايات المتحدة خاصّة أنّ الفرد العربي، مهما تكن طباعه أو أخلاقه، ينشأ عادة على القيم الفضلى والأخلاق الحميدة..

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter