Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

القبلات في الفضاء العامّ بين الرغبة والرهبة

القبلات في الفضاء العامّ بين الرغبة والرهبة

تغنّى العرب منذ القديم بالحبّ ورفعوا مقامه إلى أعلى الرتب.. لكن كيف يتمّ التعبير عن الحبّ في الثقافة العربيّة؟ وهل يحقّ للحبيبين أن يعبّرا عن مشاعرها في الفضاء العام كأن يتبادلا القبلات مثلا؟ يبدو هذا صعبا إلى حدّ ما. وفي ما يلي سنحاول شرح الأسباب..

الفرق بين القبلة في الغرب والقبلة عند العرب:

لا شكّ في أنّ مشهد حبيبين أوروبيين وهما يتبادلان القُبل في الأماكن العامة في أوروبّا وفي الغرب عموما، هو مشهد عادي في الحياة اليومية. لكن في المقابل، يصعب أو يستحيل مشاهدة نفس المشهد في كل الدول العربية. ورغم أن القبلة كانت حاضرة ومنذ بدايات السينما في العالم العربي وتحديدا في مصر، فإنها اليوم تتعرض للحذف في الكثير من التلفزيونات العربية، حتى أن مصر تشهد حاليا نقاشا على المستوى السياسي بمنع ما يسمى “بالمشاهد الساخنة” وهي المشاهد التي تحتوي على قبل عميقة. أما في الشعر العربي فالقبلة كانت مصدر إلهام الكثير من الشعراء، بداية من الشعر الجاهلي وصولا إلى قصيدة النثر الحديثة.

السينما العربيّة أصبحت بدون قبل.. فماذا حدث؟

كانت الأفلام المصرية أو الأفلام اللبنانية التي أنتجت في سنوات السبعينات، تعج بمشاهد القُبل، حتى أن الكثير من الأفلام التجارية في تلك الفترة كانت تحتوي على مشاهد مسقطة إسقاطا وغير مبررة للعُري والعري الجريء أحيانا. غير أن الأمر سينقلب إلى ضده في السينما العربية في السنوات الأخيرة، مع ظهور جيل جديد من الممثلات والممثلين الذين رفعوا شعار “السينما النظيفة” وهي السينما الخالية من القبلات.
ومن هؤلاء الممثلات حنان ترك ومنى زكي وحلا شيحا وغادة عادل… مما اضطر مخرجي السينما أمثال المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى استقدام ممثلات من دول عربية أخرى يقبلن بالقيام بهذا النوع من الأدوار، المصنفة في خانة أدوار الإغراء. وبخصوص القبل السينمائية يقول أحد المتخصّصين في النقد الفني: “القبلة السينمائية تظهر في الشاشة أكثر من ساخنة، ويمكن أن تهيج المتلقين الذين يشاهدونها ولكنها في حقيقة الأمر قبلة باردة جدا”.

ماذا يقول علم الاجتماع؟

رغم أن الرقابة في الكثير من دول العالم العربي تسمح بالقبلة في السينما، إلا أن التلفزيونات العربية تمارس رقابة على مشاهد القبل. وفي هذا السياق يقول عالم الاجتماع المتخصص في الجنس عبد الصمد الديالمي، عن ذلك: “أنا ضد الرقابة والمقص، لأن هذه أمور تشكل جانبا من الواقع وهو جانب أساسي في العلاقات بين الجنسين، إذن لا ينبغي أن نترك هذا المجال فارغا، لأن الشباب بحاجة إلى توجيه وتربية جنسية، والقنوات التلفزيونية ينبغي أن تعطي للشباب ثقافة عقلانية وثقافة تضمن حقوق الإنسان، ومن ضمنها الحقوق الجنسية.”

ويضيف عالم الاجتماع: “التلفزة العمومية ينبغي أن تساهم في جعل القبلة شيئا طبيعيا ومرغوبا فيه، فهي تعبر عن حب وتقارب، وتعبر عن التوقف عن العدوانية. رجل وامرأة يقبلان بعضهما البعض هي رسالة جميلة لا ينبغي أن نقمعها.” ويستغرب عالم الاجتماع عندما يقارن بين الماضي والحاضر ويقول:” هناك تراجع حاصل: في بعض الدول العربية كالمغرب في السبعينات من القرن الماضي كانت القبلة شيئا مقبولا حتى فيما بين غير المتزوجين، خاصة في بعض المدن الكبيرة. لكن مع التراجع الحاصل الآن، هناك رفض لهذا التعبير العاطفي والشبقي”. ويضيف:” الحب يجعلنا نريد أن نكون قريبين من الشخص الذي نحبه، بدافع الإحساس به، وبدافع الحنان وليس بدافع جنسي. لكن هذا لا ينفي أن أقبل الشخص الذي أحب وأعبر له من خلال قبلتي عن اشتياق جنسي”.

ورغم ذلك فإن القبلة تغيب أحيانا كثيرة في علاقات زوجية استمرت فترة طويلة، حينها تفقد القبلة حمولتها العاطفية وحمولتها الجنسية. وعن ذلك يقول الباحث المتخصّص: “المسألة أن الكثير من الرجال لا يحسنون مهارة المقدمات الجنسية قبل المعاشرة، وبالتالي تصبح القبلة شيئا جامدا. خاصة إذا وصل الزوجان إلى مرحلة من الفتور الجنسي في العلاقة الجنسية”. ويضيف عن هذه الفترة المسماة بالفتور: “يمكن أن يبدأ الفتور في الأشهر الأولى ويمكن أن يأتي بعد 30 سنة. ليست هناك قاعدة”.

القبلة الايروتيكيّة أكثر جرأة:

القبلة الايروتيكية مازالت تعتبر غير مقبولة في الأماكن العمومية في العالم العربي. لأن علاقتنا بالجسد وبالجنس في العالم العربي، هي علاقة تدخل في إطار الطابوهات، ولأن القبلة الايروتيكية هي تعبير عن الجنس في الثقافة العربيّة.. وكذلك فإنّ هذه القبلات تجعل الناس يشعرون بعدم الارتياح والامتعاض. هذا بالإضافة إلى الجانب الديني، فتبادل القبل حتى بين الزوجين في الفضاء العام فهو بالنسبة للكثيرين إخلال بالحياء العام وبالتالي مناف للدين. وفي هذا السياق يرى الباحث عبد الصمد الديالمي أنّ :”هذا شيء يتعلق بالأخلاق العامة التي مازالت أبوية ومتخلفة تجعل من كل تعبير جنسي في الشارع العام، شيئا مخجلا. إذن القبلة في المنظور العربي والإسلامي خدش للحياء العام”.

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter