Skip to contentSkip to sidebarSkip to footer

صدمات نفسيّة لا يمحوها الزمن بسبب الاختفاء المفاجئ في العلاقات العاطفيّة

صدمات نفسيّة لا يمحوها الزمن بسبب الاختفاء المفاجئ في العلاقات العاطفيّة

كان كلّ شيء يسير بشكل جيّد، والعاشقان يعيشان أحلى أيام العمر، هو يهذي باسمها، وهي تقسم باسمه، لم يتصوّرا يوما الوجود دون أن يكونا جنبا إلى جنب حتى نهاية العمر.. ولكنّ فجأة تنقلب الأمور وينسحب أحد الطرفين دون سابق إنذار ودون تفسير، يلتزم الطرف المنسحب الصمت ويختفي عن الأنظار ويرفض التواصل بأيّ شكل مع الطرف الآخر.. هكذا هي نهايات بعض العلاقات العاطفيّة التي لا نتصوّر نهايتها.. تنتهي بما يسمّى “الاختفاء المفاجئ” فتنهار معها كل الأحلام ويعيش الطرف الضحيّة أحلك أيامه..
تفاقم الظاهرة في عصر التكنولوجيا:
في ظلّ عصر العولمة والتعارف السهل عبر وسائل التواصل الحديثة، شاعت ظاهرة فك الارتباط العاطفي عن طريق الاختفاء المُتعمّد بكبسة زرّ أو “بالوداع الصامت” بلا تفسير. تنعت تلك الظاهرة بمصطلح «Ghosting» لتشبيه الانهاء الصارم للعلاقة ما بين صديقين أو ما بين حبيبين مقرّبين جدا بغدر الشبح الذي يغيب من دون كلمة وداع أو دموع أو تقديم مبررّات لفعلته، متجاهلا جميع محاولات الاتصال به عبر الهاتف.
يعلّل المحللون النفسيون فعلة القائمين بسلوك “الوداع الصامت” بأنّهم يقومون بتلك الأفعال خشية الاضطرار إلى المواجهة والعراك المُرْبك مع الحبيب أو الصديق. ويتّسمون بضعف نضوجهم العاطفي وبصحّة عقلية مضطربة ويفتقرون إلى مهارات التواصل التي تمنعهم من إنهاء علاقاتهم بطريقة لائقة ومحترمة.

ماذا يقول العلم؟
ضمن بحث منشور مطلع عام 2018 في مجلّة Journal of Social and Personal Relationships، سعت الباحثة Gili Freedman  إلى فهم المبررات الدافعة إلى سلوك “الاختفاء وانقطاع العلاقة بين ليلة وضحاها” وما إذا كانت على علاقة بالمعتقدات الفردية وبقدر المصير وبقدر النموّ والنضوج. طلبت Freedman من أكثر من 500 رجلٍ وامرأة تعبئة استبيانات كاملة تضمّ أسئلة تتعلّق بمسألة “الاختفاء المفاجئ” من قبيل: هل الوداع الصامت مقبول إذا كانت العلاقة قصيرة أو طويلة الأمد؟ هل اختبرتم هذا النوع من الانفصال أو مارستموه على أحد؟
بعد تحليل أجوبة الاستمارات، اكتشفت Freedman أن حوالي ربع المشتركين وقعوا في الماضي ضحية سلوك الوداع الصامت بلا تفسير.  وقسّمت Freedman المشتركين إلى فئتين من البشر: فئة تؤمن بالمصير وبالقدر وبأن بعض الأشخاص كُتب لها أن تبقى مع نفس الشريك طوال العمر، وفئةٌ أخرى تؤمن بالنمو والنضوج وتعتقد أن الأشخاص يتغيّرون حتما مع مرور الوقت ويعتمدون على سلوك “الاختفاء المُفاجئ” لمنع انحراف العلاقة نحو مسار شائك ويصعب الخروج منه، لأنّهم بالعمق أشخاص “راديكاليون” في طريقة تفكيرهم ويتذّرعون بأنّ لو كان مكتوب النجاح للعلاقة فستنجح من تلقاء نفسها ولو قدّر لها الفشل فسيكون الفشل لها بالمرصاد.
قسوة عاطفيّة بلا مبرّر:
ويعتبر الاختفاء المفاجئ عن الشريك شكلاً من أشكال القسوة العاطفية التي تلحق ضرراً كبيراً للطرف الثاني وتجعله يدمي من جرح نفسي مفتوح لأسابيع وأشهر طويلة. يخلق “الوداع المفاجئ بلا علم وخبر” لدى المرء المغدور سيناريوهات من الغموض والتشكيك بنفسه لدرجة جلد الذات، لاعتبار نفسه هو السبب وراء ما حصل له. لذا، يحتاج الإنسان الذي تعرّض لصدمة عاطفية تأتّت عن حادث إنهاء العلاقة المباغت أن يُبني من جديد ثقته بذاته وبالآخرين من خلال الرعاية النفسية الخاصّة، مستحضرا دائما في ذهنه أن الحياة لا تخلو من الصالحين. وكذلك عليه الاقتناع أن التعويل على شخص واحد لا تكون السعادة إلاّ معه هو مجرد هراء.

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter