Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

فوضى الأفكار..مرض نفسيّ يمكن التخلّص منه، لكن لماذا لا نعترف به!!

فوضى الأفكار..
مرض نفسيّ يمكن التخلّص منه، لكن لماذا لا نعترف به!!

فكرة تلاحق أخرى، تتدافع داخل الذهن كأنها في متاهة، فيعيش الإنسان في فوضى داخلية تعكر صفو أيامه، وتذهب راحة باله، ويقف عاجزا من أين يبدأ وما الطريق الذي يختاره ليخرج نفسه منها. وتتعدد المواقف والظروف التي تؤثر على حياة الإنسان سلبا وتؤخر في سعيه للإنجاز، وتسبب له شعورا بأنه يعيش مشاعر من الفوضى الداخلية بأفكار تختلف عن بعضها بعضا، فالجميع يمر بهذه الحالة في مرحلة من حياته قد تذهب وتعود، ولكن الأهم أن يعرف كيف يخرج منها ويعود لصفاء ذهنه ويعيد ترتيب شتات نفسه ليستمر في مسير حياته. وفي مثل هذه اللحظات، هنالك أشخاص أدركوا مدى أهمية البحث عن منفذ للخروج، واستراتيجيات وطرق متنوعة تعيد التركيز والهدوء الداخلي والصفاء الذهني والتفكير المنظم.

أسباب الفوضى داخل الدماغ

في دراسة علميّة أنجزها الطبيب النفسي والدكتور “علي الغزو”، نجد أن الفوضى الداخلية وتشتت الأفكار مرحلة يمر بها كل إنسان بمختلف الأمور الحياتية، فقد يكون تشتتا مهنيا أو اجتماعيا متعلقا بالأسرة أو بالعلاقات بين الأصدقاء. ويوضح “علي الغزو” أن السبب الرئيسي الذي تنجم عنه هذه الفوضى هو عدم وجود أهداف واضحة ومحددة عند الفرد وغياب الرؤية لما يريد أن يقوم به الذي أساسه غياب التخطيط السليم، فالطبيعي أن تكون النتيجة العيش بحالة نفسية من الفوضى وتشتت الأفكار.

ويشير “علي الغزو” إلى أن الفرد قد يعلم الأسباب، ولكن في بعض الأحيان لا يمتلك الطاقة لتصويب أو تعديل هذا الأمر، فقد يكون خوفا من المواجهة أو أن عنصر اللامبالاة يسيطر عليه. وهذه الفوضى هي مرحلة تحمل أبعادا نفسية سلبية على الفرد ونتائجها كذلك، إذ يعيش داخل الفرد صراع نفسي في ظل غياب الهدف الواضح والرؤية، وقد يمتلك هدفا ورؤية، ولكن تقديره للأمور غير صحيح. ويفسر “علي الغزو” أن الفرد يقع ضحية في مصيدة التخطيط غير المتقن، إذ يمتلك الهدف والرؤية والأفكار، ولكن التخطيط غير متقن، إضافة إلى المبالغة في تقدير الأمور. كما أن الفرد في مرحلة من المراحل قد يزعزع ثقته في نفسه نتيجة ارتكابه الأخطاء، وقد تتغير نظرة الآخرين له، لذلك فإن تشتت الأفكار في مرحلة ما قد يقوده لاتخاذ قرار غير صائب، وهذا القرار قد يلحق الضرر بالفرد نفسه أو بالآخرين وعليه أن يتحمل نتيجة ذلك.

الآثار النفسية للفوضى داخل الدماغ:

يذكر “علي الغزو” أن الآثار النفسية التي يعيشها الفرد في حالة الفوضى تتعدد بين التوتر والعصبية وقلة التركيز، إضافة إلى القلق والاكتئاب والخوف، وتكون حالته النفسية غير مستقرة، مبينا أن هذا الأمر يتعبه ويسبب له ضررا نفسيا وجسديا، وهذا قد تنعكس نتائجه على الآخرين، إذ إن التعبير عن مشاعر الغضب والحالة العصبية التي يعيشها قد يضر غيره، وفي أسوأ الأحوال قد يلجأ للهروب أو الاستسلام، لهذا فإن المتضرر الأكبر هو نفسه. ومن جهة أخرى، فإن الأشخاص المحيطين يلعبون دورا مهما، فقد يكون لهم تأثير بتقديم النصح والإرشاد، وفي بعض الأحيان قد لا يتقبل الشخص النصيحة، مؤكدا دورنا كأفراد في المجتمع أن نساعد ونقدم يد العون لهؤلاء الذين يعانون من ظاهرة تشتت الأفكار ونوجههم بالطريقة الصحيحة.

ويشير “علي الغزو” إلى أن الخروج من هذه الحالة يعتمد بالدرجة الأولى على الفرد نفسه وعلى مدى القناعات والخبرات التي تعلمها من الذي مر به، إذ يأخذ استراحة وضمن جلسة تأملية ليعيد حساباته ويرى أين أخطأ وأصاب وما النتائج التي ترتبت، وخلال هذه الموازنة والجلسة التأملية ومراجعة الذات، يعلم مواطن الضعف والقوة، بعد ذلك يتصالح مع ذاته ويعيد الثقة في نفسه والتوازن ويصفي ذهنه.

اليقظة الذهنية وتنظيم الأفكار:

في دراسة نفسيّة أخرى نشرت قبل أيام، لوحظ أن الأشخاص المشاركين الذين مارسوا اليقظة الذهنية، وهي أحد أنواع التأمل، بشكل يومي لمدة ثمانية أسابيع، تغيرت لديهم بعض المناطق في الدماغ، وهي المرتبطة بالذاكرة والوعي الذاتي والتعاطف والتوتر. وأفاد الباحثون الذين أعدّوا الدراسة بأن التأمل اليومي يغير الدماغ في غضون 8 أسابيع حقًا وليس فقط من خلال الدخول في مرحلة السكينة والطمأنينة، التي تنعكس إيجابًا على الصحة النفسية.
كما أشار المشاركون الذين مارسوا التأمل اليومي لمدة ثمانية أسابيع، أن مستوى التوتر لديهم قد انخفض، وترافق ذلك مع انخفاض مستوى المادة السنجابية في منطقة اللوزة المسؤولة عن مشاعر التوتر والقلق. وأوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، أن دور التأمل اليومي في تغيير الدماغ خلال ثمانية أسابيع كان كبيرًا وملحوظًا، وهذا يعني فوائد وآثارا إيجابية أكبر للتأمل في حال ممارسته لفترة طويلة وجعله ضمن الروتين اليومي الخاص بالإنسان.

والأكيد أنّ الإنسان الذي يريد أن يتخلص من الفوضى الداخلية وتشتت الأفكار بإمكانه الخروج من هذه المتاهة، فهي عملية تنظيمية قائمة على الفرد نفسه بدرجة أولى، وعلى الأشخاص والبيئة التي يمكن أن تساعده وتسانده بدرجة ثانية، ودائما يكون التنظيم والتخطيط ووضوح الهدف هو الطريق الصحيح لمواجهة العالم.

The Princess Magazine, Monthly Magazine in Huoston

© 2024 The Princess Magazine. All Rights Reserved. Design and Hosting by CodeYea.com

Sign Up to Our Newsletter